جماليات (اليابان)
الجماليات اليابانية (بالانجليزية:Japanese aesthetics، باليابانية:
في الوقت الحاضر تشمل الجمالية اليابانية مجموعة متنوعة من المُثل العليا بعضها تقليدي والآخر حديث العهد ومتأثر بالثقافات الأخرى.[1]
في البوذية والشنتونية[عدل]
تعتبر الديانة الشنتونية الأصل في منشأ الثقافة اليابانية وتحديد جماليتها بتركيزها على كمال الطبيعة وأخلاق الشخصية،[3] واحتفالها بالمناظر الطبيعية. مع ذلك، تتأثر قيم الجمالية بشكل كبير بالديانة البوذية اليابانية،[4] في البوذية التقليدية كل شيء يظهر من العدم ويتلاشى إليه، مفهوم «العدم» لا يمثل الفضاء الخاوي بل هو فضاء من الاحتمالات،[5] إذا تم تمثيل هذا الفضاء بالبحر فإن الأشياء تبدو كالأمواج تظهر وتختفي، لا وجود لموجات دائمة، ولا توجد موجة مثالية حتى عندما تصل ذروتها. فينظر إلى الطبيعة على أنها في تغير ديناميكي دائم وتستحق الاحترام والتقدير، شَكل هذا التقدير للطبيعة أساس العديد من القيم الجمالية اليابانية كالفنون وغيرها من العناصر الثقافية الأخرى.
ويجب الانتباه إلى أن المفهوم الياباني للفن يختلف عن المفهوم الغربي له.
الوابي-سابي[عدل]
يمثل مفهوما الوابي والسابي تقريب واعي للحياة اليومية، مع مر الزمن تداخل مفهوما الوابي والسابي حتى توحدا ضمن إطار واحد هو (وابي-سابي)، يركز الوابي-سابي على جمالية الأشياء الأصيلة ذات الحقائق الثلاث «لا شيء يدوم، لا شيء يكتمل ولا شيء كامل أو مثالي»،[5] جميع الأشياء التي تبرز للتو أو التي تذهب وتضمحل ترافقها علامات على مجيئها أو ذهابها، تعتبر هذه العلامات مؤشر جمالي، والجمال هنا يظهر كحالة وعي متغيرة يمكن رؤيته ببساطة في العالم الدنيوي، يمكن أن تكون بصمة الطبيعة غامضة لدرجة أنها تحتاج ذهناً هادئاً وعيناً خبيرة لتمييزها.[6] في فلسفة زن توجد سبعة مبادئ جمالية لتحقيق مفهوم وابي-سابي:[7]
- فوكينسيه (
不 均斉 ): عدم التناظر، لا انتظام. - كانسو (
簡素 ): البساطة. - كوكو (
考古 ): الأساس. - شيزين (
自然 ): بدون تنصع، الفطرية. - يوغين (
幽玄 ): الهبة العميقة، عدم الوضوح. - داتسوزوكو (
脱俗 ): اللاحدود، الحرية. - سيجاكو (
静寂 ): الهدوء، الصمت.
كل واحد من هذه المبادئ موجود في الطبيعة، لكن يمكن أن يمثل أيضاً فضائل الشخصية البشرية والسلوك المناسب، وهذا يشير إلى أنه يمكن غرس الأخلاق والفضيلة في السلوك البشري من خلال تقدير الفنون وممارستها. لهذا فإن قيم الجمالية لها قيمة أخلاقية أيضاً تنتشر في معظم عناصر الثقافة اليابانية.[8]
ميّابي[عدل]
(ميّابي؛
القيمة السامية للميّابي هي القضاء على الإبتذال، «صقل الأخلاق والأسلوب والمشاعر للقضاء على كلياً على الخشونة والقسوى والوصول إلى الفضيلة العليا»، ظهرت هذه الحساسية الجمالية كعلامة مميزة لعصر هييان في تاريخ اليابان، وغالباً ما ترتبط الميّابي ارتباطاً وثيقاً بمفهوم «مونو نو اواري» وهو الشعور الجميل بالعطف تجاه الأشياء الزائلة، حيث كان يعتقد أن الأشياء التي تتدهور مع الزمن وتقترب من نهايتها أظهرت احساساً كبيراً بالميّابي.
شيبوي[عدل]
كصفة (شيبوي؛
الوابي والسابي تبدو أكثر حدة واحياناً مبالغة في إظهار العيوب المتعدمة إلى الحد الذي يجعلها تبدو مصطنعة، لهذا أشياء الشيبوسا ليست بالضرورة أن تكون غير كاملة أو غير متماثلة، مع انها تشمل هذه الصفات. يمثل مفهوم شيبوسا خط رفيع بين المفاهيم الجمالية المتناقضة، كالرقة والخشونة أو التلقائية والمقصودة.
إيكي[عدل]
(إيكي؛いき، وعادة ما تكتب بالكانجي
لغوياً (إيكي) لها جذر يعني «النقاوة» و«الطهارة»، ومع ذلك فهو يحمل دلالة على وجود «رغبة للحياة».[9]
جوهاكيو[عدل]
(جوهاكيو؛
يوغين[عدل]
(يوغين؛
وأيضاً أعتبر اسم لأسلوب شعري (أحد الأساليب العشرة الأرثوذكسية التي صورها فوجيوارا نو تيكا في اطروحته).
يتناول مفهوم اليوغين أبعد ما يمكن التعبير عنه، لكنه لا يشير إلى عالم آخر، هو عن هذا العالم الدنيوي،[11] هذه التجربة.
«مشاهدة الشمس تغرق خلف تلٍ مزهو بالزهور. التجول في غابة ضخمة دون التفكير في العودة. الوقوف على الشاطئ والتحديق بقارب بعد إختفاءه خلف جزيرة بعيدة. التفكر في سرب الأوز البري الذي يظهر ويختفي بين الغيوم، وظلال الخيزران الخفيفة الساقطة على الخيزران»، كل هذه تمثل بوابات للعثور على اليوغين، زيامي موتوكيّو.
زيامي هو منشئ الهيئة الفنية الدرامية لمسرح نو، ومؤلف الكتاب الكلاسيكي في نظرية الدراما (كادينشو)، يستخدم بثبات صور الطبيعة كإستعارات، مثلاً «ثلج في وعاء فضي» للتعبير عن «زهرة الطمأنينة».
يقال أن يوغين يعني «إحساس غامض وعميق بجمال الكون... والجمال الحزين لمعاناة البشر»[12] استخدم هذا التعبير للإشارة إلى تفسير زيمي لـ«الأناقة السامية» في اداء مسرح نو.[10]
غيدو[عدل]
تشير كلمة (غيدو؛
استخدم المحاربون اليابانييون في تدريباتهم الكاتا وهي حركات تدريبية كقتال ضد أشخاص وهميين وأيضاً كنوع من التأمل وذلك لغرس المفاهيم الجمالية كاليوغين وفلسفة الفن (غيدو رون) مع ممارسة الفنون القتالية نفسها لتحقيق الـ (غيدو) وهذا ما جعل تدريبات القتال تنسب إلى الفنون بمصطلع «فنون القتال».
كل هذه الفنون تمثل شكلاً من أشكال التواصل الصامت وممارستها تساعد على فهم وإدراك هذا البعد.
إينسو[عدل]
كلمة (إيسنو؛
هوية اليابان الثقافية والجمالية[عدل]
بالنظر إلى طبيعتها، فإن الجماليات اليابانية تنتشر على نطاق واسع مقارنةً بالجماليات الغربية، كشفت إيكو إيكيغامي في كتابها (قيود الأخلاق؛Bonds of Civility)[14]، عن التاريخ المعقد للحياة الاجتماعية حيث تصبح فيه القيم الجمالية هي محور الهوية الثقافية اليابانية، أظهرت كيف أن الشبكات في الفنون الأدائية وطقوس الشاي والشعر شكلت ممارسات ثقافية صامتة وكيف أنه لا يمكن الفصل بين التهذيب والسياسة، كما أكدت على أن العادات المنتشرة في الثقافة الغربية كالفن والسياسة متوحدة في اليابان بشكل واضح جداً.
بعد دخول المفاهيم الغربية إلى اليابان، تم مزج ثقافة الوابي-سابي بالقيم الغربية من قبل اليابانيين وغير اليابانيين معاً، وتعكس التفسيرات الحديثة للقيم الجمالية وجهات نظر فلسفية غربية ودينية كالتراث اليهودي المسيحي.[15]
الجماليات اليابانية والتكنولوجيا[عدل]
من أبرز المساهمات التكنولوجية والجمالية اليابانية، تظهر في قدرة الصور العالية السرعة والمعدّة بعناية على إظهار الصفات الجمالية على الطريقة اليابانية عند تصوير حركة السوائل كقطرات الماء.[16]
فن الطهو[عدل]
تظهر العديد من المعايير الجمالية اليابانية التقليدية عند النظر إلى عناصر المطبخ الياباني المتنوعة، كما في وجبات (كايسيكي) وتحضير صناديق الطعام (بينتو) حيث يتفنن اليابانيون بالصفات الجمالية للأطعمة التي يعيدوها من ناحية الأشكال والألوان وطريقة التحضير والتقديم.[17]
كاوايي[عدل]
منذ عام 1970 برز في اليابان مفهوم (كاوايي؛
وبشكل متزايد يزداد تقبل مفهوم «اللطافة» كجزء مهم من ثقافة اليابان وهويتها الوطنية، يعتقد تومويوكي سوغيّاما مؤلف كتاب (اليابان الرائعة؛Cool Japan)، أن «اللطافة» متجذرة في ثقافة اليابان المُحبة للتناغم والإنسجام، بينما يرى أستاذ علم الاجتماع نوبويوشي كوريتا أن «اللطافة» هو مصطلح ساحر يشمل كل ما هو مقبول ومرغوب في اليابان.[19]
انظر أيضاً[عدل]
مراجع[عدل]
- ^ أ ب "جماليات يابانية". موسوعة ستانفورد للفلسفة. مؤرشف من الأصل في 2020-04-13. اطلع عليه بتاريخ 2009-06-10.
- ^ "تعليم الجمالية اليابانية". مؤرشف من الأصل في 2008-12-02. اطلع عليه بتاريخ 2008-12-03.
- ^ هيربرت، جان (1987). الشينتو؛ في أصل اليابان. Stein and Day. ASIN:B0006BOJ8C.
- ^ "الجماليات اليابانية؛ الوابي-سابي، وطقوس الشاي" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2017-11-13. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ أ ب كورين، ليونارد (1994). الوابي-سابي للفنانين والمصممين والشعراء والفلاسفة. بيركلي، ولاية كاليفورنيا: Stone Bridge Press. ISBN:1-880656-12-4.
- ^ تاداو، اندو. "ما هو الوابي-سابي؟". مؤرشف من الأصل في 2019-10-12. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ "طبيعة فن الحدائق اليابانية". مؤرشف من الأصل في 2008-08-07. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ أ ب كارتر، روبرت (2008). الفنون اليابانية والتهذيب الذاتي. ولاية نيويورك: SUNY Press. ISBN:978-0-7914-7254-5.
- ^ "مذاق اليابان". مؤرشف من الأصل في 2007-04-30. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ أ ب زيمي موتوكيو (1984). يامازاكي، ماساكازو؛ ريمر، ج. ثوماس (المحررون). على فن دراما مسرح نو. Princeton University Press. ISBN:9780691213309.
- ^ تسوباكي، اندرو (1971). "زيامي وإنتقال مفهوم يوغين" (PDF). مجلة الجماليات والنقد الفني. جامعة كانساس. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2007-06-25. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ اورتولاني, بينيتو (1995). المسرح الياباني (بالإنجليزية). Princeton University Press. ISBN:978-0691043333.
- ^ فن الزن في القرن الثاني-عشر (ط. الأول). بوستن: Shambhala. 1998. ISBN:1-57062-358-9. OCLC:39108653. مؤرشف من الأصل في 2020-04-22.
- ^ ايكيغامي، إيكو (2005). قيود الأخلاق. كامبردج، المملكة المتحدة: Cambridge University Press. ISBN:0-521-80942-8. OCLC:54774925. مؤرشف من الأصل في 2020-04-22.
- ^ "المجتمع الياباني". مؤرشف من الأصل في 2015-01-12. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ توسا, ناوكو; بانغ, يونيان; يانغ, كين; ناكاتسو, ريوهيه (21 Mar 2019). "السعي والتعبير عن الجمال الياباني بإستخدام التكنولوجيا". Arts (بالإنجليزية). 8 (1): 38. DOI:10.3390/arts8010038. ISSN:2076-0752. Archived from the original on 2019-07-15.
{{استشهاد بدورية محكمة}}
: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link) - ^ طرق تحضير الطعام الياباني في الماضي والحاضر (بالإنجليزية). اوربانا، إلينوي.: University of Illinois Press. 2010. ISBN:978-0-252-03563-0. OCLC:601332084. Archived from the original on 2020-04-22.
- ^ لي، ديانا (1 سبتمبر 2005). "نظرة داخلية على ثقافة اللطافة اليابانية". مؤرشف من الأصل في 2005-10-25. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
- ^ كاغِياما، يوري (14 يونيو 2006). "اللطافة سلعة عالية المبيعات في اليابان". Associated Press. مؤرشف من الأصل في 2019-09-14. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.